من حق الجميع أن يفهموا تلك الأفكار العلمية العظيمة التي ساهمت في تشكيل فهمنا للكون والتي طورها علماء عظام مثل ألبرت إنشتاين. أنا أؤمن إيماناً عميقاً بأنَّ فهمنا للكون -مهما تباينت مستوياتنا العلمية والثقافية- ولو بشكل جزئي هو أمر ممكن. ليس مطلوباً بالطبع أن يؤلف كل منا نظرياته الخاصة ومعادلاته المعقدة في هذا المجال، ولكن قراءة أعمال العلماء الكبار والتأمل في استنتاجاتهم وأفكارهم هو أمرٌ يمكن لكل منا حتماً القيام به.
يعرض الدكتور مصطفى محمود في كتابه هذا نظرية النسبية بشكل سلس ورائع بدون أي مصطلحات غريبة أو معادلات معقدة. ترابط المفاهيم وتدرجها وسهولة الألفاظ يجعل من قراءة الكتاب عملية سهلة وممتعة. قليلة هي الكتب العلمية التي تبسط مفهوما معقداً للقارئ العادي، وهذا أحدها. كتاب كهذا سيغير حتماً من نظرتك للعالم من حولك وللكون بأسره وسيفتح الشهية لقراءة المزيد والمزيد حول الموضوع.
أشياء كثيرة ستقرأها ما بين سطور هذا الكتاب ولن تكتفي بالشرح المبسط للنظرية والحقائق المعروضة. ستُدرك مثلاً أن الحقيقة يمكن أن تكون مزدوجة ولا يمكن حسمها ببساطة ولطالما تبني العلماء مواقف مختلفة اعتبرها كل منهم حقيقة وبرهن عليها بمعادلات رياضية، وكيف أن الحقيقة المطلقة هي شي لا يمكن الوصول إليه ولا حتى تخيله بشكلٍ مجرد، وكيف أن حواس الإنسان وإدراكه ناقصة وضعيفة للغاية وأن الحقائق العظمى عن ماهية الكون وعناصره لا يمكن الإحساس بها بل تُفهم بالتفكير المتعمق والعلوم والحسابات الدقيقة، وكيف أن الخبرات العلمية للبشرية متراكمة بصورة مدهشة وتتناقض مع نفسها أحياناً، وأن كل شيء في الوجود قابل للشك والمسائلة ما عدا الحقيقة المطلقة الوحيدة وهي وجود الله سبحانه وتعالى خالقاً للكون ومدبراً لشؤونه، إضافة إلى الجانب التدميري والمظلم للعلم.
سيكون هذا الكتاب مقدمة مهمة ورائعة للتعمق في هذا المجال، لاحقاً سأقرأ الكون الأحدب: قصة النظرية النسبية وأفكار وآراء للعالم العظيم نفسه وربما قبل ذلك سيرة حياته- باتت قراءة هذه الكتب أمراً ملحّأً مع أنني لم أخطط مسبقاً لقرائتها في هذه الفترة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق