مصطفى محمود: حوار مع صديقي الملحد




هل الملحد شخص بليد وضحل الثقافة يدرس في الخارج  ويلقي عليك -أنت المؤمن- سيلاً من الأسئلة المحيرة والشكوك عن الإسلام ووجود الخالق بينما يدخن السجائر؟ ربما. 

ولكنني افترضت قبل بداية قراءة هذا الكتاب أن الملحد عالِم مُجِد يمضي سنوات طويلة في المختبرات العلمية يُجري التجارب والأبحاث حول أصول الحياة والتطور ونشوء النماذج الأولى للطبيعة والحياة والكون أو قد يبحث في علوم الفضاء والأجرام السماوية، ثم يصوغ نظرياته الخاصة بناء على ما توصل إليه فيقول أن كل ما قام به واكتشفه لا يستدعي وجود الخالق، وقد يكون هذا الملحد فضّاً في حديثه ومتعجرف كونه لا يفترض أصلا أنه سيُحاسب يوماً ما ولا يؤمن بحياة ما بعد الموت- هذا هو هو نموذج الملحد الذي كنت اتصوره. وعلى هذا الافتراض فإن الحوار الذي سيجري في الكتاب سيكون بهذا الشكل ربما أو شبيهاً به على الأقل (مع بعض الفوارق الواضحة بالطبع): مناظرة ريتشارد دوكنز وجون لينكس: هل دفنَ العلمُ الله؟

خاب ظني كثيراً بالمحتوى العلمي-الجدلي للكتاب فالدكتور الملحد المسكين، كما صوّره الدكتور مصطفى محمود، هو رجل تائه وحججه واهية ولا يجيد سوى طرح الاسئلة "الكبيرة والمحيرة" في قالب عام تماماً. 

الأفكار المعروضة مبسطة للغاية وبإمكان أي شخص استيعابها وتذكرها وهي في الخلاصة مبادئ إسلامية وعقلية عامة عن الدين والقرآن وما فيه من اعجاز بياني وعددي وعلمي، ونشأة الإنسان الأولى وتطوره، والعدل الإلهي، ومصدر الخير والشر، والثواب والعقاب في الآخرة وما سواها- كل هذا بصورة جدلية مبسطة. لن يكون بإمكانك -بعد قراءة هذا الكتاب- أن تجري مثل هذا الحوار الجدلي مع صديقك الملحد (أو صديقك غير المسلم) فهو لا يزودك بجميع الأفكار الضرورية ولا بالأسلوب الدقيق أيضاً. على سبيل المثال، أنا أميل إلى إجابة السؤال الموجه إلي (مهما كان كبيراً) بطريقة علمية وبرهان عملي وليس بطرح المزيد من الأسئلة المضادة وإيقاع الطرف الآخر في حيرة إضافةً إلى حيرته. 

لا أرى بأن محتوى الكتاب كان رديئاً للغاية، بل كان جيداً بالفعل ولكنه عام جداً. أعطاني الكتاب بالفعل قيمة معرفية عامة، وبالطبع لا أتفق مع كل الأفكار والاستدلالات التي أوردها- بل إنَ بعضها يبدو لي ضحلاً للغاية ويصعب تقبله. 
بداية لا بأس بها بالنسبة لي في هذه المجال والكتب القادمة ستكون أثقل وأكثر دسامة. :) 
شارك التدوينة على:
Facebook Twitter Google StumbleUpon LinkedIn Pinterest

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق