يصادف اليوم عيد ميلادي الثاني والعشرون. لا أميل عادة إلى كتابة تدوينات شخصية ولكن ألحَّ عليّ بشدة هذا السؤال: ماذا يعني أن يكبر الواحد منّا سنة؟
كل مناسبة أو ذكرى تمر علي سواء كانت رأس السنة الميلادية أو الهجرية، الأعياد على اختلافها، والمناسبات السنوية على تنوعها كلها تجعلني أتأمل طويلاً في السؤال: كيف كانت سنتي الماضية و ماهو تقييمي العام لها وأين أقف الآن؟ أعتقد أنني الآن بحاجة إلى تحديد مناسبة مرجعية موحدة للقيام بمثل هذه المراجعات، وعيد ميلادي يبدو الخيار الأفضل.
كنت مشغولاً بهوس وعلى فترات متقطعة خلال السنوات الخمس الماضية بإجراء هذه التقييمات بناءً على عوامل متغيرة وذات أبعاد غير واضحة تماماً. ليس من السهل إجراء تقييم شامل للخمس سنوات الفائتة كما هو الأمر تماماً عند إجراء تخطيط شامل للخمس المقبلة. أجد أن الأمر اكثر عملانية عندما اجري تقيميمات سنوية على مدى ثابت.
من الأمور الرائعة التي حققتها خلال العام الفائت هو أنني نسبياً محيت الملل من قاموس حياتي وبدأ هذا المعنى بالتلاشي تدريجياً ببساطة عندما حدّدت مصادره وأزلتها، وتعلمت بعض المهارات المتقدمة في مجال دراستي أطمح بشغف لتعزيزها وتطويرها أكثر، والأهم من كل ذلك هو أن مدى أهدافي بات أكثر وضوحا وثباتا- أستطيع الآن بثقة التعرف على المهارات والأدوات التي ستجعل من تحقيق أهدافي أمراً سهلاً وممتعاً.
خلال السنة المقبلة، أتطلع إلى صياغة أهداف كبيرة على الطريق والتحقق منها باستمرار، وقراءة المزيد من الكتب في مجالات علمية وثقافية معمقة وقد يكون هذا هو الوقت المناسب لدراسة الفلسفة و علم النفس وعلم الاجتماع ذاتياً بجدية أكثر والتزام متواصل أو ربما تعلم لغة جديدة من الصفر. سأقوم أيضاً بالتخلص من بعض العلاقات الغير مجدية (لأصحبها أولاً ولي ثانياً).
مقاييس النجاح لا يجب أن تُحدّد بعد الآن بالمعدل التراكمي في الجامعة أو درجات المقررات الدراسية وما شابهها. مقاييسي الجديدة للنجاح سقوم على استغلال اليوم واللحظة، و بمقدار الكتب الجديدة التي ساقرأها والأشخاص الجدد الذين سينضمون إلى قائمة الاصدقاء المقربين. لا يجب أن أنسى إعادة توطيد الصداقات القديمة وبث الحياة فيها بعد خمول طويل. حان الوقت أيضاً للتخلص من الضجيج الاجتماعي والفكري الذي بات مصدر تشويش دائم، لا يعني ذلك بالضرورة قطع بعض العلاقات بل إعادة ترتيبها حسب الأولوية.
مواصلة دراستي العليا بنفس الشغف والحماس السابقين سيكون تحدٍَ جديد خلال العام، دراستي الجامعية الحالية باتت هي المصدر الأول للملل الذي لا يُحتمل. كيف يمكن أن يقضي الواحد على الملل إذا لم يقضي على مصدره؟ :)
أن تكبر سنة يعني ببساطة أن تتعلم وتتطور بنهم ليس له حدود وأن تلتزم بثبات بوضع أهداف كبيرة على الطريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق